أصدرت منظمة الشفافية الشاملة التي يرأسها السيناتور السابق محمد ولد غدّه تقريرًا مفصلًا يسلط الضوء على قضايا الفساد المالي وسوء التنفيذ في مشروع اركيز الزراعي، الذي تم تدشينه في نوفمبر 2023 بتمويل من الصندوق السعودي للتنمية. يبرز التقرير تناقضات كبيرة في التكاليف المعلنة للمشروع، مما يثير تساؤلات حول الشفافية والنزاهة في إدارة الأموال المخصصة للمشروع.
التناقض في التكاليف المعلنة:
أشار التقرير إلى وجود ثلاث صفقات رئيسية لتنفيذ المشروع بإجمالي تكلفة تصل إلى 9.3 مليار أوقية قديمة، بينما أعلنت وزارة الزراعة أن التكلفة وصلت إلى 14.4 مليار أوقية قديمة. كما أظهر الموقع الرسمي للصندوق السعودي للتنمية أن التكلفة تبلغ 43 مليون دولار، وهو ما يعادل 13.5 مليار أوقية قديمة. هذا التباين يثير الشكوك حول وجود تمويل إضافي غير معلن أو مبالغ تم تبديدها.
شبهات الفساد:
يشير التقرير إلى فارق يبلغ 4 مليارات أوقية قديمة بين الأرقام المعلنة، مما قد يدل على وجود أموال صرفت بطرق غير واضحة أو خارج إطار الاتفاقيات المبرمة مع الصندوق السعودي للتنمية.
وأكدت المنظمة على أهمية التحقيق في الشفافية والجهات المستفيدة من هذا الفارق، ومدى التزام الجهات المعنية باتفاقيات التمويل الدولي.
بنود الاتفاقية ودلائل تبديد الأموال المختفية:
توضح بنود اتفاقية التمويل مع الصندوق السعودي للتنمية، والتي أرفقت المنظمة نسخاً منها بتقريرها، أن بعض الأموال المفقودة كان مخصصاً لعدة فئات أساسية من المشروع، مثل شراء ثمانية جرارات وأربع حاصدات، وتقديم التدريب والدعم الفني للمزارعين المحليين.
التأخر الكبير في التنفيذ والخسائر المالية:
يوضح التقرير أن أحد أبرز الاختلالات هو تأخر تنفيذ المشروع بأربع سنوات عن الآجال المحددة، مما أدى إلى بدء تسديد دفعات القرض واحتساب الفوائد قبل انتهاء المشروع بثلاث سنوات، ودون الاستفادة من فترة السماح.
الآثار الاقتصادية السلبية:
يجمّل التقرير الآثار الاقتصادية السلبية في النقاط التالية:
1. هدر الموارد المخصصة لشراء المعدات والدعم الفني، مما أدى إلى ضعف الإنتاج وتلف المحاصيل.
2. استنزاف الرصيد الاحتياطي المخصص للإصلاحات، مما حال دون معالجة الاختلالات المكتشفة.
وقد دفع هذا الوضع الجهات المعنية إلى طلب تمويل إضافي من الصندوق السعودي للتنمية لتغطية الاختلالات.
ملاحظات ومطالب ختامية:
يقول التقرير في خاتمته
“إن هذه المخالفات الواضحة في تمويل المشروع وتنفيذه، إلى جانب التأخير والتجاوزات المالية، تكشف عن وجود فساد ممنهج وإهمال جسيم، أثرا سلباً على الجدوى الاقتصادية للمشروع”. وعليه طالبت المنظمة “الحكومة بفتح تحقيق عاجل لتتبع مسار الأموال المفقودة، ونشر نتائج التحقيقات بشكل مفصل لطمأنة الرأي العام وضمان محاسبة المتورطين”.